ما جرى يوم الثلاثاء ✍️

ما أن دلفت سيارة المرشح الانتخابي الفاخرة إلى الحارة النائية الفقيرة باحثة ، كما هو معتاد في هذا الموسم ، عن رقم وطني في أزقة هذا المخيم الذي لا يحمل سكانه الا وثيقة لجوء تحمل الجنسية الفلسطينية باستثناء قلة قليلة من النساء اللواتي جلبهن القدر للزواج من أحد أفراد هذا المخيم ، حتى تحلق حولها مجموعة من الأطفال ، منهم من يحاول لمسها ومنهم من يحاول اعتراضها ومنهم من يبحث بعيون فضولية عن وجه السائق المختبئ وراء الشبابيك السوداء ، ومنهم من نجح في شق صورة المرشح الملتصقة على الزجاج الخلفي للسيارة إلى نصفين ورافق كل ذلك صرخات محمومة وسعادة غريبة وكأنهم شاهدوا للتو سفينة فضائية .

توقفت السيارة في آخر الشارع ، فتحت الأبواب الأربعة في نفس الوقت ، لم يستطع الأشخاص الذين خرجوا من السيارة إخفاء مشاعر التقزز والقرف من مظهر البيوت المتلاصقة ورائحة الرطوبة التي تفوح من الجدران بالرغم من تصنعهم للابتسامة واللطف في وجوه الأطفال الذين ارتسمت مشاعر التعجب والاستهجان على وجوههم الكالحة عند رؤيتهم ، لأول مرة في حياتهم ، امرأة تدخن سيجارة إلكترونية .

عندما سأل أحد الأشخاص الأربعة عن مكان سكن امرأة أربعينية تحمل إسم ليلى وتُكنى بأم خالد ، لم يجد أية إجابة ، حينها ، أخذ يسهب في الوصف : تحمل رقماً وطنياً ، توفى زوجها قبل سنتين في حادث سير على الطريق الصحراوي ، وقبل أن يكمل الوصف إعترضه أحد الشباب المتحلقين حوله عندما إهتدى للإجابة ، أدار وجه جهة الجنوب وأشار بيده قائلاً :
إصعد هذا الشارع ، على قدميك ، لأن الشارع وعر جداً ولا يمكن للسيارة أن تعبره ، بعد ذلك ، إتجه لليمين ، حينها سيهرب من أمام قدميك عشرات الجرذان، لا تجزع ، واصل المسير ، وبعد خمسون متراً من الحفرة المليئة بالوحل والأوساخ ستجد شارعاً ضيقاً جداً يفضي إلى شارع أوسع قليلاً ، غير معبد ، في وسطه حاوية محاطة بأكياس قمامة ، مكتوب عليها " زمن غدار " ، بعد الحاوية مباشرة ستجد على يسارك ثلاثة بيوت متهالكة ، إتجه نحو البيت المكون من غرفة واحدة وباب من لوح زينكو وشباك مغطى بقطعة قماش بالية ، أطرق الباب بقوة ، ستخرج ، حينها ، امرأة أربعينية ، بوجه رمادي ، وثياب رثة .. تلك هي المرأة التي سترجح الكفة الانتخابية لصالحك مقابل خمسون ديناراً .